هذا الوقت الذي اصبحت فيه الديمقراطية من المسلمات التي لا تقبل للنقاش كنظام سياسي تبنى الدولة عليه و أيضاً كسلوك إجتماعي و إداري بعدما كانت في تصور التيار الديني بأنها كفر و يجب استبدالها بنظام شوروي شرعي! الأخوان المسلمين ( فرع الكويت ) و السلف المنضوين تحتهم - آنذاك - الذين قادوا حملة "القرآن دستورنا" في السبعينيات بعد الحل الغير دستوري الأول بعام 76 نراهم اليوم و نرى من يتبعهم من مؤسسات المجتمع المدني يطالبون بالتمسك بدستور 62 الديمقراطي و يطالبون بتشريعات ديمقراطية و قرارات حكومية تتوافق و تنسجم مع الديمقراطية ، و إن كانوا في بعض الأحيان يفصلون الديمقراطية على مقاساتهم و أهوائهم إلا أن ذلك يحسب لهم بعض الشيء. الأخوان المسلمين من خلال الفرع الأم بمصر يطالبون أيضاً بدولة مدنية ديمقراطية .. و حتى إن بعضهم ذهب بعيداً عن منهجيته و طالب بالعلمانية كعبدالمنعم أبوالفتوح الذي طالب بدولة علمانية مشتركة بين فلسطين و الكيان الصهيوني! زعيم جماعة جند الله عبدالملك ريغي الذي أعتقل مؤخراً يطالب بالديمقراطية ، و حتى في السعودية أصبحت الديمقراطية محل اتفاق مشترك بين التيار التنموي الإصلاحي و التيار الديني المتشدد.

أصبحت الديمقراطية التي يجمع عليها الناس من أنها وسيلة لتحقيق السعادة الإنسانية .. أصبحت أفحش أنواع الكفر و الإلحاد ؟! أي عقل و أي شرع يقر هذا ؟! و أي واقع يصدق هذا ؟!
إن الإسلاميين و من يطالب بتطبيق شرع الله و يؤمن به هم أكثر من يستفيد و يتمتع في ظلال الديمقراطية ، هل أقول ملايين المسلمين المهاجرين لأوروبا الديمقراطية ؟! أم أقول حزب التحرير و الأخوان المسلمين اللذان يتحركان بكل حرية في لندن ؟! أم المدارس و الجامعات الإسلامية المنتشرة في فرنسا و أمريكا ؟! أم استند إلى مقولة رجال الدين و هم يعودون من الغرب و على لسانهم يقولون "رأينا الإسلام و لم نرى مسلمين" ؟! .. و الحديث يطول عن الأمتيازات و النعم التي يقدمها الغرب للمسلمين الذي أصبح جنة "سياسية" بعكس دولنا - المسلمة - التي أصبحت جحيم سياسي و معيشي.
واقعنا البائس أفرز أناساً - كفؤاد الرفاعي بمطوياته - أختزلوا الغرب بكاسة خمر و أتهمومهم بشهوة الجنس ، على الرغم من أن شهوة التكفير و الزندقة تستهويهم و هي أفدح و أعظم خطراً ! ما أكثر من ينادي الغرب بتصحيح نظرته للإسلام و للمسلمين ، لكني لم أسمع يوماً من ينادي بتصحيح نظرة عامة المسلمين السطحية للغرب ؟!
ناهيك عن منع الدكتور نصر حامد أبوزيد ، مساندة من هاجم آية الله السيستاني ، مهاجمة الدكتورة ابتهال الخطيب ، و الآن الرفاعي ذو الشعبية الواسعة يأتي و يكفر و يلحد مؤيديه قبل معارضيه!! أمور كثيرة تثبت جهل و تخلف مجتمعنا و مدى هشاشة ثقافته ، فخلال ثلاثة شهور تيقين لي مدى عمق الجهل الإجتماعي و إن أصحاب الفكر و المتنورين وجودهم صعب جداً في مجتمع كهذا يناقض نفسه بنفسه و يساند من يكفره و يلحده.