الأربعاء، 17 مارس 2010

أنـا كــافــر



هذا الوقت الذي اصبحت فيه الديمقراطية من المسلمات التي لا تقبل للنقاش كنظام سياسي تبنى الدولة عليه و أيضاً كسلوك إجتماعي و إداري بعدما كانت في تصور التيار الديني بأنها كفر و يجب استبدالها بنظام شوروي شرعي! الأخوان المسلمين ( فرع الكويت ) و السلف المنضوين تحتهم - آنذاك - الذين قادوا حملة "القرآن دستورنا" في السبعينيات بعد الحل الغير دستوري الأول بعام 76 نراهم اليوم و نرى من يتبعهم من مؤسسات المجتمع المدني يطالبون بالتمسك بدستور 62 الديمقراطي و يطالبون بتشريعات ديمقراطية و قرارات حكومية تتوافق و تنسجم مع الديمقراطية ، و إن كانوا في بعض الأحيان يفصلون الديمقراطية على مقاساتهم و أهوائهم إلا أن ذلك يحسب لهم بعض الشيء. الأخوان المسلمين من خلال الفرع الأم بمصر يطالبون أيضاً بدولة مدنية ديمقراطية .. و حتى إن بعضهم ذهب بعيداً عن منهجيته و طالب بالعلمانية كعبدالمنعم أبوالفتوح الذي طالب بدولة علمانية مشتركة بين فلسطين و الكيان الصهيوني! زعيم جماعة جند الله عبدالملك ريغي الذي أعتقل مؤخراً يطالب بالديمقراطية ، و حتى في السعودية أصبحت الديمقراطية محل اتفاق مشترك بين التيار التنموي الإصلاحي و التيار الديني المتشدد.

في بداية الألفية الجديدة أصبحت الديمقراطية دراجة "شكلياً" في برامج قوى الإسلام السياسي ، ففي الكويت أصبحت الديمقراطية - بالنسبة للتيار الديني - وسيلة لتحقيق غايات الشعب بعدما كانوا يستخدمونها كوسيلة لتحقيق غايتهم الرئيسة المتمثلة بأسلمة الكويت .. و صحيح انهم ما زالوا يقومون بالأسلمة إلا أنها تراجعت كثيراً عما كانت عليه في السابق. و ما يبرهن على ذلك حديث الكاتب و الداعية الإسلامي حمد سنان على قناة الوطن في برنامج اليوم السابع من أن التيار الإسلامي أصبح ينافس التيار الليبرالي في قضايا الحفاظ على المال العام و حماية الدستور و العمل على تشريعات تخدم الشعب بعدما كانوا في الثمانينيات يعكفون على أسلمة التشريعات و القوانين.




في كتيب صغير مرفق مع جريدة الوطن بعددها الصادر في 22 / 2 / 2010 صادر من مركز "و ذكر" يتحدث فيه عن المخدرات بطرح قصص "خيالة" تنم عن سطحية و رجعية فكر مؤلفها ، كفر "فؤاد الرفاعي" كل أهل الكويت .. شيعة و سنة ، حاضرة و بادية ، و خارج السور و داخله! كفرهم لأنهم مؤمنين بالديمقراطية ، كفرهم لأنهم يشاركون بالأعراس الديمقراطية ، كفرهم لأنهم وضعوا دستور ديمقراطي ، كفرهم لأنهم يسيرون على خطى أجدادهم في بناء دولة عصرية ديمقراطية حرة!



أصبحت الديمقراطية التي يجمع عليها الناس من أنها وسيلة لتحقيق السعادة الإنسانية .. أصبحت أفحش أنواع الكفر و الإلحاد ؟! أي عقل و أي شرع يقر هذا ؟! و أي واقع يصدق هذا ؟!

إن الإسلاميين و من يطالب بتطبيق شرع الله و يؤمن به هم أكثر من يستفيد و يتمتع في ظلال الديمقراطية ، هل أقول ملايين المسلمين المهاجرين لأوروبا الديمقراطية ؟! أم أقول حزب التحرير و الأخوان المسلمين اللذان يتحركان بكل حرية في لندن ؟! أم المدارس و الجامعات الإسلامية المنتشرة في فرنسا و أمريكا ؟! أم استند إلى مقولة رجال الدين و هم يعودون من الغرب و على لسانهم يقولون "رأينا الإسلام و لم نرى مسلمين" ؟! .. و الحديث يطول عن الأمتيازات و النعم التي يقدمها الغرب للمسلمين الذي أصبح جنة "سياسية" بعكس دولنا - المسلمة - التي أصبحت جحيم سياسي و معيشي.

واقعنا البائس أفرز أناساً - كفؤاد الرفاعي بمطوياته - أختزلوا الغرب بكاسة خمر و أتهمومهم بشهوة الجنس ، على الرغم من أن شهوة التكفير و الزندقة تستهويهم و هي أفدح و أعظم خطراً ! ما أكثر من ينادي الغرب بتصحيح نظرته للإسلام و للمسلمين ، لكني لم أسمع يوماً من ينادي بتصحيح نظرة عامة المسلمين السطحية للغرب ؟!

ناهيك عن منع الدكتور نصر حامد أبوزيد ، مساندة من هاجم آية الله السيستاني ، مهاجمة الدكتورة ابتهال الخطيب ، و الآن الرفاعي ذو الشعبية الواسعة يأتي و يكفر و يلحد مؤيديه قبل معارضيه!! أمور كثيرة تثبت جهل و تخلف مجتمعنا و مدى هشاشة ثقافته ، فخلال ثلاثة شهور تيقين لي مدى عمق الجهل الإجتماعي و إن أصحاب الفكر و المتنورين وجودهم صعب جداً في مجتمع كهذا يناقض نفسه بنفسه و يساند من يكفره و يلحده.

الثلاثاء، 2 مارس 2010

الـعـلـمـانـيـة تـقـلـقـهـم


( الدكتور بسام الشطي: أحذر من الإنشقاقات من بين الإئتلافية و الإتحاد الإسلامي لأنها تخدم العلمانيين و أهل البدع و الضلال ) الأنباء 6/9/2005.

( في ندوة الحركة السلفية بعنوان "وذكر" الأخواني أسامة الشاهين: الكويت ليست دولة علمانية ) الوطن 25/12/2009.




( الأمير خالد بن الوليد لدى تواجده في الكويت ناقش بديوان النائب وليد الطبطبائي بحضور هايف و
المسلم و محمد الطبطبائي أوضاع العلمانيين و الشيعة في الكويت ) موقع لجينيات 26/1/2010

الكثير من دعاة النظام العلماني يبررون معارضة الإسلاميين للدولة العلمانية لأنها ستسحب البساط عنهم و ما إلى ذلك من ضعف و تقلص "سلطوي" سيصيب الإسلامويين فيما بعد العلمنة. أتفق تماماً مع هذه الرؤية التحليلية ، و بل أزيد عليها مما استنتجته من التصريحات المذكورة أعلاه أن قوى الإسلام السياسي الطائفية بطبيعة منطلقتها الفكرية لا تقبل أن يتم التساوي بين الحقوق و الواجبات بين جميع الطوائف و المكونات في المجتمع ، و لن تقبل أن يكون الجميع صفاً واحداً في ظل دولة تتسم بالحياد الفكري و الديني ، و تراعي مشاعر جميع فئات المجتمع و إن كانت أقلية. و الأمثلة الواقعية على ذلك كثيرة.
يقول الكاتب حمد نايف العنزي ( في فرنسا: يمنع القانون الفرنسي أي كتابة أو حديث علني يؤدي إلى حقد أو كراهية لأسباب عرقية أو دينية، ويمنع أيضاً تكذيب جرائم الإبادة الجماعية ضد اليهود من قبل النازيين، ويمنع أيضاً نشر أفكار الكراهية بسبب الميول الجنسية للفرد، وسبق للقضاء الفرنسي أن اتهم المفكر الفرنسي رجاء جارودي بتهمة معاداة السامية حسب قانون 'جيسو'، ومنع أيضاً نشر لوحات دعائية تابعة لبيت قيغباود لتصميم الملابس وأمر بإزالتها خلال 3 أيام لأنه اعتبرها مسيئة للروم الكاثوليك وتدخلا مشينا وعدوانيا في معتقدات الناس الخاصة.
في ألمانيا: ينص البند الخامس في القانون الأساسي الألماني الذي يسمى Grundgesetz على حق حرية الرأي والتعبير، ولكنه يرسم حدوداً مماثلة للقانون الفرنسي تمنع خطابات الكراهية ضد العرق والدين والميول الجنسية، إضافة إلى منع استعمال الرموز النازية مثل الصليب المعقوف.
في كندا: يمنع القانون الكندي خطابات وأفكار الكراهية ضد أي مجموعة دينية أو عرقية، وتمنع الأفكار أو الكلام أو الصور التي تعتبر مسيئة أخلاقياً من الناحية الجنسية حسب القوانين الكندية.

في الولايات المتحدة الأمريكية: وضعت المحكمة العليا مقياساً لما يمكن اعتباره إساءة أو خرقا لحدود حرية التعبير، ويسمى باختبار ميلر Miller test ويعتمد المقياس على 3 مبادئ رئيسة وهي: إذا ما كانت أغلبية الأشخاص في المجتمع ترى طريقة التعبير مقبولة، وإذا ما كانت طريقة إبداء الرأي تتعارض مع القوانين الجنائية للولاية، وإذا ما كانت طريقة عرض الرأي تتحلى بصفات فنية أو أدبية جادة. )

على ضوء ذلك نتساءل .. ماذا لو كانت لوحة فؤاد الرفاعي في دولة علمانية ؟! و ماذا سيحدث إذا أشتكى عدداً من الشيعة لسلطات دولتهم العلمانية إذا علموا أن محمد العريفي آت لها ؟! و لماذا أشتكى الشيعة الكلباني و من قبله بن جبرين في ألمانيا العلمانية و لم يشتكوهما في الدول الإسلامية ؟!

بالطبع ستمنع الدولة العلمانية ذلك ، لأن العلمانية لم تأتي إلا لتخلص الشعوب من الطائفية و الكراهية .. و هذا ما يغضب الإسلامي الذي ينطلق من طرح يستند لفقه واحد و موجه لطائفة واحدة متجاهلاً باقي الفئات بأعتبار أن فقهه و طائفته تمتلك وحدها الصواب و الحقيقة المطلقة ، و أما من يخالفه فهو يتراوح ما بين مبتدع أو ضال أو زنديق أو كافر! و هؤلاء أما يخضعوا له ، أو يتم إزدراءهم و الاحطاط بهم إلى أن يتم التخلص منهم. فالعقلية الإسلامية المؤدلجة مبنية على الجبر لا التخيير و سلاحها السوط و الأرهاب لا الكلمة الطيبة و المجادلة الحسنة .. تكون أولا تكون ، تختلف معي يعني تخالفني و تقف ضدي!

قلة دور العبادة لشريحة تمثل أكثر من 33% من المجتمع ، و قلة الكنائس ، و التضييق التي يتعرض له الإسماعليون في ممارسة عبادتهم لم يأتي إلا عندما سيطر الإسلام السياسي على المخرجات الديمقراطية ، و الأمر لا يتوقف فقط على حرية العبادة إنما الأمر وصل إلى التشريعات و المناهج الدراسية في فرض معتقدات لا تؤمن بها شرائح في المجتمع ، بل و تكفرهم و "تأثمهم" دون أية مراعاة لهم!


مهما اختلفت انتماءات قوى الإسلام السياسي و اختلف موقعها و مدرستها تبقى طائفية أحادية و تقلقها الأطروحات الوطنية و الوحدوية. الحياد ، الحرية و العدالة و المساواة و الاحترام للجميع .. مفاهيم تناقض و تصطدم مع الإسلاميين و تقلقهم ، فدائماً يربطون مخالفيهم دينياً بالعلمانيين ، لأنهم يعلمون لا عز لمخالفيهم إلا بالدولة العلمانية
.